أكتب لأن في هاتفي أحرف عربية

2012



بين ناسٍ أعدادهم كثيرة في أحد الأماكن التي تشبه المطاعم، في وسط مدينةٍ فاتنة الجمال.. قمت من مقعدي لأتجول في المكان من دون أن أشعر. كانت من المرات القليلة التي تقودني فيها أرجلي وليس عقلي أو قلبي. تجولتُ في المكان وكأني سائحٌ يزوره لأول مره، وأنا من كنتُ أعرف المكان بتفاصيله الدقيقة لكثرة إرتياده.. أو هكذا كنتُ أظن. إلا أني إكتشفتُ بأني لا أعرف شيئاً، وكلُ الأمور بدت جديدة علي. إكتشفتُ أيضاً بأني وبالتأكيد لا أعرف الكثير عن أماكن أُخرى، كنتُ أظن أني أملكها من شدة إيماني بأني أحفظ جميع تفاصيلها.. إكتشفتُ أن من يريد أن يستمتع بتفاصيل الأماكن، ورؤية الأمور القديمة وكأنها جديدة في كل مرة، ويحب أن يشعر بلذة القهوة التي يرتادها دائماً، فعليه أن يخرج من منزله كل يوم مرتدياً روح سائح يقضي صباحه الأول في مدينةٍ جديده عليهِ كلياً.. يذهب إلى كل تلك الأماكن بعقل وقلب السائح المتشوق لكل ما هو جديد، المنتظر للمفاجئات، المبالغ في كل شيئ يراه وكل شيئ يأكله، فيصفه بأنه أجمل ما رأى وألذ ما أكل. 

فبين رجلٍ يُدّخن وهو جالسٌ على طاولةٍ كُتِبَ عليها بخطٍ عريض جملة "ممنوع التدخين" .. وبين أُمٍ تُقّلم أضافر إبنها الرضيع، أو إبنتها، لا أعلم فقد كان الطفل صغيراً جداً وفي مرحلة عدم التمييز.. وبين أجهزة اللابتوب العديدة، وأكواب الشاي والقهوة التي تملأ رائحتها أرجاء المكان.. والكتب الكثيرة جداً على رفوفٍ وُجِدَت لتفيد الزوار، إلا أني لم أرى أبداً من يذهب إليها لتناول كتابٍ ما أو مجله، وأنا منهم، حتى وإن كنتُ أُحب القراءة وأعشق رائِحة الكتب، وكأنها وُجِدَت للزينه. وتحت ناطحات السحاب التي تغطي سماء المدينة.. بين وجوهٍ بيضاء وحمراء وسمراء.. أجد نفسي في وسط كل التفاصيل الصغيرة، أبحث بينهم عن ما يدعونه ب"قرارات العام الجديد".

أسمع الناس عادةً في نهاية عام وببداية عامٍ جديد، تتحدث عن ما حددت لها من أهداف وقرارات سوف تُتِّخذ  للمضي بها في ما هو قادم من أيام، أو بالتحديد في الثلاثمئة وخمساً وستين يوم القادمة. إلا أني أجد صعوبة بالغة في تحديد قراراتي، وطموحاتي. أنا أصحى كل صباح بطموحٍ جديد، وطموحٍ أكبر عن الذي كنتُ أحمله معي إلى أحلامي في المساء. أطمح بأن أُسافر في كل يوم إلى مدينة جديدة علي.. أطمح أن أُقابل في كل يوم شخص لن أُقابله في حياتي ثانيةً، أسمع منه قصته، وأسرق منها العبر ثم أرحل.. أطمح في كل يوم بأن أُقابل أميره، وأقع في حبها، وأكتب عنها ولها، وأذهب إلى النوم في المساء لتكون أحلامي في تلك الليلة هي آخر ما يتعلق بها.. أطمح بأن أتعلّم كل شيئ في كل يوم، ولا شيئ في أي يومٍ آخر.. أطمح بأن أكون إلهاماً ولو لشخصٍ واحد طوال حياتي، فهذا يكفيني .

طموحاتي تفوق المعقول بكثير، حتى السماء لم تعد حداً لها.. ولكن لم يكن للأحلامِ يوماً سعر، لذا سأحلم كثيراً لأحقق كثيراً. ولكن كل ما يهمني الآن هو بأن أمضي في الحياة، متمسكاً بمعتقداتي، مؤمناً بديني وقدراتي، واثقاً من نفسي، مخلصاً لوطني، محباً لعائلتي وأصدقائي، حبيباً دائماً لحبيبتي.. وأن أفعل ما أفعله لأني أحبه، وليس لأني مُجبرٌ عليه.. ففي ذلك وبرغم التعب، راحة للعقل والروح والقلب والجسد.. في ذلك سعادة داخلية كبيرة، يشعر بها كل من يقوم بما يحبه كثيراً....

الحياة حلمٌ أعيشه، وليست واقع يعيشني.. لن يأسرني فيها إلا ما أحب، ومن أحب.  

احتجت أن أرحل

 

احتجتُ أن أرحل! أن أعودَ إلى المنزل، وأقفل الباب على نفسي، وأنزوي للحظاتٍ، أو لساعات. قد تبدو الأجواء حزينة، والكلماتُ متعبة .. لكنها ليست كذلك على الإطلاق. أعودُ الآن ولو لفترةٍ قصيرة، إلى حيث كنتُ أجدُ نفسي ملكاً ، مالكاً للكون الذي أتلاعبُ به بين أصابعي، قبل أن يجدني صيداً سهلاً يتلاعب بي كيفما يحلو له!
 أعودُ في مخيلتي إلى من كنتُ بجانبها أشعر بأن ليست لأنوار المدينة داعي، فطريقي به نورٌ منها.. أعودُ في مخيلتي إلى من كنتُ أمامها كقطعةَ ثلجٍ تذوب عند حضرتها، لأصبح نهراً تلعب أصابعها فيه، فأزدادُ ذوباناً وفرحاً.. أعودُ لتلك الأيام التي لم تخلو من الألحان والأشعار والأصوات المفعمة بالجمال والهدوء والرقي والحلي.. إحتجت أن أرحل لمن كنتُ بين يديها أُحبُ نفسي كثيراً، وأُقّدر نعم الله أكثر.. أرحل لمن كنتُ أمامها أشعرُ بأني أنا مثلي الأعلى، فلا أحتاجُ لأحد!

جميلٌ أن نحب بشغف، والأجمل أن لا يختفي الشعور عند إختفاء من شعرنا يوماً بإتجاهه.. من أحب، من المستحيل أن يكره! قد لا نكونُ سوية، ولكن ما بيننا محال أن يحلق في مهب الريح.. قد نرحل، ولكن الأماكن باقية، والأغاني والقصائد والقصص، والمسارح والملابس، والدخون والعطور، كلها باقية.. وكلها تذكرنا بمن تعلقت كل تلك بهم.. والمهم أن لا نتذكرهم بحزن، المهم أن تزرع في وجوهنا ابتسامة، والأهم أن ينبت في قلوبنا السلام.

حبيبتي ... أسئلةٌ عديدة داهمتني إجاباتها يوم أن غبتِ .. تذكرين؟ أتذكرين سؤالك عن أغنيتي المفضلة؟ كانت ضحكتُكِ .. وعن قصيدتي المفضلة؟ كانت إسمُكِ .. وشاعري المفضل؟ هو أنا في تحدثي معكِ .. وشارعي المفضل؟ هو كلُ طريقٍ يؤدي إليكِ .. ووقتي المفضل؟ أجزم أنكِ تعلمين الجواب.. نعم، إنهُ كلُ وقتٍ متعلقٍ بكِ ... كيف لا، وأنتِ التي كنتِ، وستكونين، رغم السنين العديدة، دائماً أفضلهن.. يا حبيبتي

الناس للناس




تتعلق كل أمور الحياة ببعضها.. وكل شيء على هذه الأرض له أسبابه وأعماله.. والعديد من ما خُلق متعلّق بالإنسان، على ما أظن. شخصياً أرى أن كل ما يدور من حولنا موجودٌ لمساعدتنا على العيش والمضي قدماً في الحياة. حتى الإنسان نفسه، هو موجودٌ لا لكي يعيش هو وحده، بل ليحيي من بجانبه. كم من أشخاصٍ دخلوا في حالاتٍ هيستيرية أو مرضوا، أو غابت عنهم الأحاسيس، ومنهم من مات، لأنهم فقدوا شخصاً ما.

الناس للناس.. كلماتٌ دائماً ما ترددت على مسامعنا، ودائماً ما يقولها من يقبل على مساعدة أحد. الناس للناس لأننا من دونهم لما ولدنا، ولا أكلنا، ولا مشينا، ولا تعلمنا وعملنا، ولا أنجبنا، ولا علّمنا وكبّرنا، ولا أحببنا وكرهنا.

نحن نصحى من النوم كل صباح للذهاب إلى العمل، وقد تكون أهدافنا الخاصة من ذلك هما العيش وجمع المال.. ولكن الأهداف العامة والمشتركة هي خدمة فئة معينة من أُناسٍ آخرين. وُجدنا في هذا العالم لنحيا ونُحيي، لذا يُحبذ علينا أن لا نبتعد، وأن لا نفضل الوحدة. الناس تكمّل بعضها، ولا أعرف أحداً مضى وحيداً.

 الناس كربطة العنق، التي وجدت لأسبابٍ مختلفة، وإحداها كما يقول البعض هو أن يكون مرتديها متضايقاً منها طوال اليوم في مكان دراسته أو عمله ، ويشعر بالراحة فور عودته إلى المنزل  والتخلص منها. لِمَ لا نحاول بأن نكون كراحة ما بعد ربطة العنق، لا ربطة العنق نفسها.

يسألني الأصدقاء لِمَ أنا اجتماعي.. لا أشعر بأني اجتماعي بقدر ما أشعر بأهمية من حولي. كل الأمور كما أسلفت متعلقة بمن نعيش معهم. عندما نجتهد لإنجاز أمرٍ ما، فإننا وبجانب رغبتنا في إرضاء الذات، نرغب في الوقت ذاته لإرضاء الناس وإبهارهم بعملنا. عندما نبذل الجهد في رسم لوحة فنية، فإننا نأمل سماع المدح من الناس وكسب إعجابهم. عندما نكتب، نكتب للناس. وعندما نعدّ الشعر، فإننا نود رسم ابتسامة في مكانٍ ما.

تواصل.. لكي لا تندم بعد فوات الأوان. ساهم في رسم البسمة على محيّا من تقابل حتى ولو بابتسامة منك. شارك الآخرين سعادتك، فتصبح أجمل. شارك بأهدافك وطموحاتك لتفيد وتستفيد. تطوّع في خدمة المجتمع، فللمجتمع حقٌ عليك. تبّرع، فقد أجمع الناس على أن السعادة الحقيقية تكون بالعطاء لا بالأخذ. أفرح من حولك، تفرح أنت تلقائياً. نحن لا نملك حياتنا في بعض الأحيان.. فلنقدمها للآخرين بأجمل المغلفات، وعليها رائحة أروع العطور.

أنا لا أدعّي المثالية، فكلنا مقصرون.. ولكنني أشجع نفسي من خلال ما أكتب. أحياناً، إيضاح وجهة نظرٍ معينة أمام الملأ تجعلك أكثر حرصاً على التمسك والعمل بها. جميلٌ أن نعرف ما هو الصواب، والأجمل أن نعمل به حتى ولو تحت الضغوط.

عاصمة قلبي

 

ما أن فتحت عيني وأفكاري تدور في رأسي تبحث لها عن مخرج.. وأنا قد قلت سابقاً أني ولسببٍ ما أشعر بالإلهام الكبير عندما أكون بالقرب من النوم، إما ذاهباً إليه أو راجعاً منه.  وها هي التي كنت قد حلمت بها منذ دقائق، أراها أمامي الأن وأنا أُدون. أراها لأنها أكبر من مجرد حلمٍ بالنسبة لي.. هي واقعٌ أقصده كثيراً.. ولا أمّل منه أبداً.

قد لا أكون من محبي المتاحف والمواقع الأثرية.. وقد لا أهتم كثيراً بما قاله جورج السادس أو ما فعله الملك الفلاني في القرن الفلاني  وغيرهم.. ولكني أُدرك عراقة كل الأماكن العريقة، والكثير من المدن القديمة الجديده.. هي تحمل تلك الاوصاف، إلا أني لا أحبها لذلك. وربما تكون هذة المملكة قد أساءت للناس في دياري، وأساءت للدار نفسها في ما مضى من سنينٍ بعيده، إلا أنها أخذتني أسيراً عند عودتها وتخليها عن أرضي، وعيناي لم تكن قد رأت النور بعد. أسَرَت أسفاري .. وإبتساماتي .. وتناهيدي ..

ليست بعاصمة الحب، وإن كنت أعتقد شخصياً أنها كذلك.. وليست بعاصمة الفن، أو الجمال، أو الطعام، أو أي شيءٍ من تلك التي تأسر القلوب. ما كانوا أهلها أبداً الأطيب.. ولا شوارعها الأنظف والأرتب.. ولا مناظرها هي تلك التي تأخذ الشاعر أو الرسام لما هو بعيدٌ جداً في عالم الإبداع.. إلا أنها عاصمة قلبي

كثيرون هم أولائك وأنا منهم، الذين يحبون الهدوء، وخضار الجبال وبياض البحيرات وصوت العصافير الصفراء.. مِن هؤلاء مِن لا يحب هذة المدينه لأنها ليست كذلك في أعينهم، والأهم أنها ليست كذلك في قلوبهم.. إلا أني وباستغرابٍ في نفسي أجد فيها نوعاً من الهدوء رغم صخبها، وكثرة من يعيشُ فيها، وزحمة شوارعها. أجد الهدوء الكبير وأنا أمشي في أحد تلك الشوارع لوحدي، أشاهد العدد الكبير جداً من الناس يمشون معي وحولي.. بل وكأنهم أرجلي التي تحملني، فلا أشعر بها. أحب كثيراً مشاهدة الناس، والخوض في قصصهم دون التحدث إليهم.. ذلك هدوءٌ أشعر به أنا فقط. تتزاحم في مخيلتي كل تلك الأبراج والمباني الجديده، والعديد منها الذي مازال قديماً جداً، وكأنها أمامي لوحاتٍ أرى فيها الجبال الخضراء، والتي تعلوها طبقة بيضاء تبقت من فصل الشتاء.. وصوت العصافير أسمعها تزقزق من خلال أحاديث الناس الذين يمرون بجانبي، بإختلاف لغاتها ولهجاتها.. وأسمعها في صوت مزامير السيارات، وعند أعمال البناء.

أحبها لأنها دائماً كانت تذكرني بأشخاصٍ أحبهم، ودائماً كانت تجمعني بأفرادٍ بدو بعيدين وقربتهم إلي.. وفي كل مرة أزورها يكون هناك من يزورني، ويرحل عني كلّما أتى موعد الرحيل عنها.. وفي تلك الليالي التي كنت أذهب للنوم فيها قبل أصدقائي، أو هكذا كانوا يظنون.. إلا أني أذهب لما هو أبعد من النوم بكثير، فحتى الأحلام تكون فيها أحلى.

سأزورها بعد أيام، وسأكتب من هناك عنها ولها.. وعن الذين سأقابلهم.. وعن زحمة شوارعها الصاخبة الهادئة.. وعن الأغنية التي سأتعلق بها.. وعن الوردة التي سيحين موعد قطفها.. وعن الأميرة التي سأقع في حبها..

كل زيارة لها قصة، ولدي شعورٌ أنها ستكون الأجمل هذة المرة..
 إنتظريني يا أجمل مدينة في الدنيا..
 يا عاصمة قلبي والضباب

من المخازن



أتصفح أحدى المدونات لشخص أعرفه من خلال هاتفي وأنا جالسٌ في قسم المخازن في مكان عملي.. أسبحُ في بحرٍ من حروفٍ جميلة غطت تلك المدونه الرائعة.. حتى شعرتُ بإلهامٍ غريب يدق باب عقلي وقلبي، وأنا الذي لم أكتب منذ فترة، ففرحت. وما أن شعرتُ بالإلهام حتى ذهبت أبحث في المكتب عن قلمٍ لأكتب، ولم أجد سوى قلمٍ أحمر. أحسستُ حينها بسلبية مفاجئة، وكأن هناك شيئاً ما يقول لي: لا تكتب. ولكني أصريت على أن أدوّن ما بخاطري، وأكتب عن ما يجول في عقلي، عن أمورٍ تكاد تشتتني وتحطمني. وما أن أمسكت بالقلم ، حتى رن جرسُ الإنذار في القسم، منوّهاً لوجود حريق، آمراً أن نخرج من المكان الذي نجلس فيه، ففعلنا. تركتُ القلم على الورقة ورحلت بعيداً خارج المبنى، إلى أن أتى رجال الإطفاء لتحري الامر، وبقينا تحت أشعة الشمس حتى تأكدوا من خلو المكان من أية حرائق، وبعدها عدنا

غريبٌ جداً كان ذلك المشهد بالنسبة لي.. وهو عندما عدت إلى المكتب لأرى القلم على الورقة الخالية من الحروف.. مثيرةً كانت الأحداث .. فبدايةً بالقلم الاحمر، وبعدها جرس الإنذار.. وكأن أمراً ما لا يريدني أن أكتب .. وكأن الأقدار لاتريدُ لتلك الصفحات أن تُلَطَّخ بالأحمر.. وكأنها تطلب مني أّلا أنقل ما يحبطني ويزعزعني، لكي لا أعود لقرائتها في ما بعد. حدث هذا منذ دقائق، وقد يطول التفكير في تفاصيل الأحداث لأيامٍ في مخيلتي

لقد كانت إشارة لي .. وأنا من لم أؤمن بالإشارات من قبل، إلا أنني اليوم أيقنت وجودها، و آمنت بها. ولستُ مستعداً لأن أُعارض الاقدار، وأُخالف الإشارات .. ليس اليوم على الأقل. خصوصاً أنها كانت إشارات إيجابية، تدعو لترك الكتابة عن كل ما يزعجني، والتفكير في ما يفرحني على أقل تقدير. لذا سأكتفي بما كتبت، وسأعود عندما تطلب مني الإشارات أن أعود .. وعندما يكون القدر بأن يكون قلمي أزرق اللون

أسطورة



أتراهم يعلمون؟ .. فإن كانوا يعلمون فهي مصيبه .. و إن كانوا لا يعلمون فالمصيبة أكبر. هل يعلمون أنهم يستغربون أمورٌ لا تستحق الإستغراب.  فنحن نتحدث .. و هم يتحدثون .. و كأنه بشيء غريب.  نعم أتينا بأفضل من أنجبت كرة القدم  .. نعم أتت إلينا كرة القدم .. فما هي كرة القدم من قبله؟   ألم تكن لعبة تافهة يركل فيها الرجال للكرة، ويلحقون بها، و يدخلونها في الشباك بأغبى الأساليب؟  لكن بعد ظهور ذلك الخيال .. و تحوله إلى واقع

من رآه في بيونس آيرس عندما كان مجرد طفل .. من رآه في برشلونه .. من رآه في إيطاليا، مع ذلك الفريق السماوي القادم من بعيد .. من رآه يتصدر عناوين كل صحف الكرة الأرضية .. ومن سمع صيته وبدى يتردد في جميع بيوت العالم  .. ومن شاهد صورته وحفظها بعد أن حلقت في أرجاء المعموره  
نعم .. هو نفسه من أتت به أفضل أندية دولتنا الحبيبه .. هو نفسه من سيكون على خط التماس يراقب ، ويصرخ ، ويؤشر، ويضحك ويفرح .. وربما يحزن في بعض الأحيان

أتراهم يعلمون كل هذا .. ويحقدون .. ويبررون .. ويفتشون عن أسباب لفشله حتى قبل مجيئه .. وكأني أرى وجوههم ، وهم يتحسرون على رغبة لاعبيهم بالرحيل عنهم والإلتحاق بمن كان سبباً لكرة القدم .. بمن علمنّا لعبة جديدةً .. بمن أسر قلوبنا جميعاً .. بمن تمنينا لو أن الكرة تتحدث .. لكي تخبرنا عن شعورها وهي تتدحرج بين رجليه

أنا وأقولها من الأن، لا أكترث لأي نتيجة يظهر بها الفريق في الموسم القادم .. حتى وإن أنهينا الموسم في المركز الأخير ..  حتى وأن رحل عنا بعد الجولة الأولى .. يكفيني أن أردد بعد سنين عديده، أن أفضل من لمس كرة القدم درب فريقي الذي أعشقه.. يكفيني أن أقول للعالم، أني وقفت في مدرجات النادي الذي أحبه أكثر من أي شيء .. وشجعت بأعلى صوتي .. ورددت إسم مارادونا

لأنه لولا هذا الرجل،  لما كانت شعبية كرة القدم في العالم بهذة الكثره..   ولولاه  لما دُفِعت كل هذة الأموال و الإستثمارات في هذة الرياضة. لولاه لما تنافس كل اللاعبين، لكي يطلق عليهم لقب إسمه .. الأشهر على الإطلاق

يكفيني فخراً .. أن أكون من الذين شجعوا هذا الفريق حتى قبل قدومه .. لكي لا أكون من الآلاف التي ستتحول لتشجيع فريقي من بعد مارادونا

لا داعي للإستغراب يا ساده.. فإن كان مارادونا أعظم ما في كرة القدم، فنحن أعظم من في الإمارات .. هي وجهة نظر شخصية، ولا أبحث في أن يتقبلها الجميع. خليطٌ أجمل من رائحة العطر الذي طلبه من مديرنا التنفيذي ، والتي سيسهوا ويدوخ  كل من يشمها عند مقابلتنا .. لروعة جمالها

أحببنا الوصل كثيراً، وأحببنا أن نقهر به الآخرين دائماً ..  وكم سنقهرم بأننا سنشاهد "كرة القدم" كل أسبوع .. و هم سيرونها مرتين في العام فقط

فالوصل لم يأتِ بمارادونا .. الوصل أتى بكرة القدم إلى بلادنا

حامد والسيدة الملكة

قد لا أكون من عشاق كتابة القصص ..
لكن شيئاً ما دفعني لأكتب المزيد في كل يوم ..
أتمنى أن تنال هذة القصة البسيطة جداً على إعجابكم ..
و الأهم من ذلك، أن أدخل بها قلوبكم ..
 
روحُ كُلَ تلكَ الشوارعِ تسكُنُها ظلمة .. الأعينُ خلف الستائر، بدت قلقة .. موحشةً غدت ليالي كانت بالأمسِ مبتسمة .. تعالت همساتُ البشر، وزادت المكانَ ربكة .. الكل مذعورٌ بعد أنباءِ غياب السيدة الملكة ..  أوهكذا كان يظن
 
قال: "لو غاب عن نظري مرأى الجَمال .. لو طارت طيور الحُبِ وسكنت أعلى الجبال .. لو لوحّت لي كفاً بالوداع، وبقي منها الخيال .. لو سَمِعَت أذني همساتٍ أن اللقاء محال ..  لو لم يبق لي غير طيفٍ يرتدي عِطرَ الوصال .. سأظل أنتظر" ء
" سأنادي، لأنكِ أنتِ الوحيدة التي تُصبِحُ حياةً لمّا أُنادي .. سأُنادي أمام مرأى كل جميلات الكون، حتى يسألوني عنكِ .. وأقول لهم أنّك أجمل مَن على الأرض بروحكِ و قلبكِ، وأنكِ أبسط مَن على الأرض بالخارج من جمالكِ .. سأُنادي للعالمِ عندما أراكِ تُقبلين .. لتعود له الحياة التي ستأتي بك، وتزخر الطرقات بالورود لكِ"
فكم يُصبِحُ الرحيلَ جميلاً إن تبعته عودة.. ولا أجملُ من عودةٍ تأتي بعد انتظار ...
 هكذا ظَن شاعِرُ المدينة الصغير .. وهذا ما شعر بِهِِ دونَ غيره من الناس الذين يسكنون بجوارِه .. كما كان العديد منهم يظنُ أنه قد لا يكونُ يعلم أين هو .. فلقد كان غريباً بينهم، لم يلد في مدينتهم .. بل أتاهم منذ أيامٍ وسَكِنَ إحدى الغرف الصغيرة التابعة لرجل أعمالٍ معروف، وقد أجّرها على الشاعر الصغير تعاطفاً معه. كانت الغرفة بين محلاتٍ عديدة في سوق المدينة القديم .. لم يكن مكاناً جيداً للعيش، ولكن هل كان فعلاً يهمه ذلك؟
 رغم غرابته في بعض الأحيان، ورغم عدم انتمائه إليهم، إلاّ أنهم أجزموا جميعاً على جمال ما تخطه أنامله .. واتّفق الكل على عذوبة الحروف التي تخرج من ثغره كلما سها وهو يمشي بين جدران المدينة الضيقة.. لتُخرِجَ الفتيات رؤوسهن من النوافِذِ دون أن يعلم ويستمعوا .. كلٌ منهن تحلم أن حديث الحب لها، وأن الأوصاف عنها ..
جَلَسَ في إحدى ليالي فصل الشتاء شديد البرودة الذي أتاهم فيه.. جلس على مُرَبَّع الأسمنت الذي كان ملاصقاً لغرفتة من الخارج، يشاهد الناس تعمل و تتحدث، ولكنه لا يسمعهم.. وكان قد اعتبر الشاب هذا المكان مخرجاً لأفكاره وكلماته .. والغريب أنه لم يَكُن يكتُبُ الكثير فعلاً، بل كانت كلماته تخرج عفوية، وبعد ذلك يكتب ما يتذكر منها متى ما حلا له ذلك. أسنَدَ رأسَهُ على جدارِ غُرفَتِه من الخارج، رفع رأسه للسماء، أغلقَ عينيه ..
 وقال " تأتي أيامٌ قد تطول لأعوامٍ، و أيامٌ أُخرى تمضي أمامي كالسراب .. ليت كل أيامي سراب ورياح إذا ما كانت تحمل منكِ أخبار .. و ليت كل ساعاتي ثوانٍ أمضيها معكِ بصحبة الأشجار .. تطلبين مني ثمرٌ، وأُقَدِمُ عيناي ثمار .. أقطف من الأرض زهوراً ، وبِيَدِكِ تزدادُ إزدهار .. يا من تزدانُ حياتي بها.. يا من على مدينتك التي لا أَعرِفها تكونين فرحةً للصغار .. أمطارٌ .. وأنهار ..." ء
يفتحُ الشاب عيناهُ فجأةًَ ليرى أن كُلَ شيءٍ أمامه قد توقف. الناس واقفةً تشاهده وهو يتحدث .. فمعظمهم حَفِظَ كلماته قبله، ومنهم من استخدمها كوسيلة لكي يُرضي به  زوجته، وأحياناً حبيبته...   يذهب الكل في عمله وإلى ما كان يشغله، عندما يتوقف العاشق عن الحديث مع نفسه .. وتعود الحياة المعتادة إلى المعتاد مرة أُخرى
 
يجلسن عواجيز المدينة في بعض الأحيان لتناول الشاي في أحد بيوتهن.. ويحدث ذلك في كل مدن العالم.. بعاداته وتقاليده ودياناته وأعرافه المختلفة .. إلاّ أنّ تواجدَ الأمهاتِ للتحدثِ أمرٌ اعتادته كل تلك المدن والحواري .. فقد كانت هذة المدينة كغيرها، بسيطة لما فيها من بيوتٍ وأشخاص .. فيهم الغني و فيهم الفقير .. فيهم التاجر واللحام والحلاق والطبيب والمهندس والمعلم .. فيهم الأطفال والكبار .. لم تكن بتلك المدينة الكبيرة .. كانت عائلاتها قليلة ولكن كبيرة .. لذلك نجد أن كل من سكن فيها عَرِفَ الآخر، وحفظوا وجوه بعض .. ما عدا "حامد" الذي كان وحيداً .. أو كما أسموه، الشاعر الصغير
"أبحث عن العديد من الأمور عندما أبحث عنكِ ، بل أبحث عن كل أمر .. هوائي ومائي وقلبي وروحي، وبدرٌ أشع للعالم سحر.. غيومٌ تلاحت ترسم إسمكِ، سعيدةٌ لكونها ظِلِّكِ  .. لهفتي تزدادُ كُّلِ يومٍ،  كلهفة الوليد لأمه .. متى ألقى سِبّةَ سفري، أين أنتِ يا سيدتي .. يا ملكتي" ء
كلماتٌ بدت تتردد على مسامع الناس، تخرج من أفواه الشاب .. سيدتي .. ملكتي .. الانتظار .. شيء في الصبر و البحث .. أمورٌ غريبةٌ عن أهالي المدينة .. فقد كان الناس يدردشون معه في بعض الأحيان عن أمور الحياة، أمورٌ عادية.. لم يتحدث بجدية عن سبب قدومه لمدينتهم.. أو ربما لم يسألوه عنها بشكلٍ مباشر.. ولأنهم أُناسٌ طيبون، ولا يأتيهم العديد من الزوار، فقد رحبوا به عند قدومه.. كما لو كانوا فرحين بزائرهم .. وكما لو أنهم شعروا بأنه مسالم ولا يبحث عن ما قد يضرهم بشيء. ورغم أن ما يقوله ويردده يعجبهم ، إلاّ أنّ الفضول بدأ يصيبهم، وكأنهم بدأوا ينقشون في حروفه ويبحثون بين كنز الكلمات عن قصة شاعرهم من خلال أحاديثهم معه .. علهّم يعرفون من أين يأتي، وماذا يحمل في قلبة المرهف كما هو واضح لهم.
كان أطفال المدينة الغريبة على الشاب من الأطفال العظماء في ذلك الوقت. ربما كان معظم أبناء العالم هكذا أيضاًً. ليس لأنهم ولدوا هكذا، أو لأنهم كانوا معجزةً على الأرض. بل لأن من يكبرهم سِنّاً كان دائماً مشغولٌ بعمله. نعم لم تكن هذة المدينةِ بالمنطقةِالغنية .. و لم تكن بأفضل أماكن التجارة .. إلا أن سُكانها كانوا مجتهدين، ودائماً يعملون لما هو أفضل. دائماً يبحثون عن حياةٍ مليئةٍ بالعمل والعلم والمعرفة والسعي إلى كل ما هو جديد. فلذا، كان على الأطفال الذين يرغبونَ بمواكبة ما يدور من حولهم، أن يتعلموا التحدث والتفكير كالكبار.. لأنهم يعلمون أن أولئك الذين يعملون، لن ينزلوا لمستوى تفكير الأطفال، لذلك على الأطفال بأن يترجلوا ويصعدوا لمستويات عاليةٍ من الحديث والتفكير. هكذا كانوا أطفال ذلك الزمن.. وهكذا أتاهم الشاعر الصغير من بلاده. حيث كان يجالس الكبار، ويسمع منهم. تعلم منهم الحكمة والثقة بالنفس .. تعلم منهم أن يحلم .. وتعلم منهم أيضاً كيف يحب .. إلى أن أخذته كل تلك الأمور إلى المكان الذي هو فيه الآن. إلى هذه المدينة الغريبة، التي أتاها باحثاً عن أمرٍ ما .. الذي أتاها ليفرغ ما في جعبته من أحلامٍ وكلمات.
وبينما هو جالسٌ في مقعد أشعارهِ في يومٍ من الأيام .. إذ بأحدِ أطفال الحي يراهُ من بعيد .. ثم يأتي إليه، ويجلسُ بقربه. تفاجأ الشاب .. نظر إليه فابتسم الطفل .. وما كان على الشاب إلا أن يبتسم هو الآخر .. وبدأ حوارٌ بينهم طال لدقائق، لكنهُ كان سبباً لأمورٍ عديدة من بعده
-     من أين أتيت؟
-     أتيت من حيث كان قلبي
-     كان قلبك؟ وأين قلبك الآن؟
-     هو مسافرٌ مثلي .. يرحل وأنا أُلاحقهُ من مكانٍ لأخر.
-     إذاً هو من أتى بِكَ إلى هنا؟
-     هو من قال لي أن أبحث عن الكلمات التي تبحث عني .. وعن كل ما يصف سيدتي .. ويُعلِمُني أخبار ملكتي ..
-     لكن لا يحكم هذة المدينة ملكة .. ربما كان قلبك مخطئ .. أنت تائهٌ يا هذا
ابتسم الشاب و حرك يدهُ على رأسِ الطفل .. ثم نظرَ إلى السماء ..
-     قد يخطئ عقلي، و قد تخطئ قدماي .. إلا أن قلبي دليلي في كل الأحوال .. قد لا تفهم ما أقول، وقد لا أفهم أنا ما أقول .. لكن قلبي أحَبَّ ملكةً تحكم كُلَ الديار .. و أحبها كل الناس رغم أنهم لم يروها أبداً .. أخبرني، هل هذا ممكن؟
-     لا طبعاً .. أنت تحلم ..
-     و كم جميلٌ هو هذا الحلم .. ولا يوجد أجمل منه، إلا الذي يتحول إلى واقع .. لذلك سأرحل اليوم من هنا .. لأكمل حلمي .. و لتروي أنتَ قصتي للناس .. و سأمضي أنا باحثاً عن واقعي .. عن ملكتي .. وعن كلماتي وحروفي ..
بعد أن جمع حاجاته، وأقفل الباب خلفه .. رحل مُبتَسِماُ دونَ أن يُسَلِّم على أحد .. وكأنه اعتاد الرحيل، واعتادوا منه الرحيل .. مضى يمشي شاعرهم، و كلٌ منهم أخذ يردد في قلبه أحد أبياته التي حفظها عنه، وهم ينظرون إليه وهو يرحل ..
يقول في قلبه " أتيتكِ في كل مرةٍ و ما زلتي ترحلين .. أتيتُ و كلي أملٌ أن أرى ما تُخبِئين .. أتيتُ و رحلتُ أُلاحق قلبي المسكين .. أُلاحقُ حلمي الذي بدى قريباً وبعيداً، يتساءل عن المسافةِ.. أتدرين؟ "
يناظر السماء، يرى الشمس ولا يغمض عيناه ..
" و لو كُنتي هناك .. سأدور الأرض كلها بضع مرات .. حتى تَمِلَّ الأرض قدماي .. و ترفعني إليكِ .. ولن أغمض عيناي .. حتى أُقَبِّلَ شفتيكِ .. وتنام يداي عليكِ .. وأشم عطور الدنيا من جبينكِ وخديكِ.."
 
كتب قلبي ما يشعر به ..
وربما يكون قد مثّل العديد من الأشخاص
تماماً كما مثّلني .. و حكى قصتي
 


في مثل هذا اليوم، أتيْت




أنا فعلاً أفتح هذة الصفحة و أكتب عليها من دون أية خطة لما سأكتب عنه .. لكن لنرى إلى أين سأصل في نهايتها .. فكما يقول البعض، ليس مهماً من أين تبدأ و لكن المهم هو أين ستصل. و البعض الأخر يقول، لكل نهاية سليمة يجب أن تكون البداية سليمة كذلك.. لكني أجد نفسي اليوم في نهاية عامي الواحد والعشرين، و بداية عامي الثاني والعشرين في عالمنا الجميل. لا أتذكر من أين إبتدت الرحلة، و لست متأكداً كيف إنتهت. لقد كان عاماً طويلاً و فيه العديد من الأحداث والفعاليات والضحكات والأحزان. العديدُ من المناسبات الفَرِحَه, والعديد من زياراتٍ للمقابر. الكثير من التعّرف على أشخاصٍ جدد، والكثير أيضاً من رحيل أشخاصٍ آخرين. ليسوا كلهم بنفس القدر بالتأكيد .. ففي بعض الأحيان قد يرحل أشخاصٌ كثر، و لا تشعر برحيلهم أبدأً .. وكأنك كنت تنتظر ذلك الموعد.. وفي أحيانٍ أخرى قد يرحل شخصٌ واحد فقط، ويشعرك بأن ألوان الحياة قد رحلت معه، لتصبح حياتك كلها كمشاهدة فلمٍ قديم، تتقطع فيه الصورة، وتهتز في أحيانٍ كثيرة .. ولكن على الإنسان أن يستمر ما دام هو قادر على التنفس
على الإنسان أن دائماً يبحث عن علبة الألوان تلك التي إختفت، و يبدأ يتلوين حياته فور أيجاده للعُلبه. قد نُخطئ بالتلوين في البداية، فمن الطبيعي أن لا يستعيد الإنسان كل طاقاته على الفور.. قد نجد أنفسنا نلوّن البحر بالأحمر، والشمس بالأزرق، والأشجار بالأصفر .. قد نجد أنفسنا تائهين، وهنا فقط نتعلّم معنى كلمة صديق. كلمة هي أكثر من مجرد وصف لشخصٍ ما .. هي إسمُ وفعل .. هو مسمى يفخر به الإنسان الذي يحمله قبل إسمه ، مثل "معالي وسعادة ودكتور وأستاذ " .. هنا فقط يخرج لنا من يهتم بنا كما نهتم بأنفسنا، ويدلنا على الطريق، ويمسك بيدنا، ويضع فيها الألوان المناسبة لكل جزء من حياتنا. الصداقة نعمة، يجب علينا المحافظة عليها.. الصداقة قد تأتي في أغلب الأحيان قبل الماء والملجأ والحب .. إن تواجدت الصداقة، تواجد كل ذلك بعدها
وأن كانت للصداقة مكانٌٌ في عالمنا، فيجب على اللحظات الجميلة بأن تتواجد كمقعداً أيضاً، و قد جلست على العديد منها في عالمي الواحد والعشرين .. تذكُّرُها لن يكون صعباً علي، فهي فعلاً عظيمة و عميقة ، أفرَحَت الكثير من حولي كما أفرحتني .. و أنا دائماً أُردد، إن أردّت أن تضاعف فرحتك فلابد أن تشاركها مع غيرك .. لا نملك حياتنا في معظم الأحيان، فلنُشرِك الآخرين فيها بأشياء تُفرِحُهُم و تُفرِحُنا.. لنحاول بأن نكون مصدر فرحٍ للآخرين، لا العكس
كان هذا عامي الواحد و العشرين بشكلٍ سريع و مبسط،، آملاً أن يكون عامي الجديد فيه الكثير من العلم والتجربة الحياتية والحب. كانت بدايتي لهذا النص غير واضحة أمامي، ففي الكثير من الأحيان لا نعرف ماذا نريد في البداية، و لكن لا بد من إتضاح الصورة كلما أقدمنا. من الصعب أن نضع حداً لأمنايتنا و طموحاتنا، فمن وضعِ حداًَ لها، لا يستحق أن يعيش.عندما نكبر كل عام، على أمنياتنا و طموحاتنا أن تكبر معنا.. عندما نكبر كل عام، علينا أن نزداد تأثراً و تأثيراً في عامنا و عالمنا


11th of April 2011

its monday 11th of April 2011 - 4:42pm

صوت دقات المطر القوي والذي يهطل علينا وعلى غير العادة، أكم يُشبِهُكِ .. يشبه حضورك الذي لطالما كان نادرا.. ولكن عند قدومك أو قدومه، يفرح أطفال مدينتي.. تُرسم لوحات الفرح على جدران البيوت .. تتلألأ النوافذ بلمعات قطرات المطر التي تزحف عليها ببطء وكأن النوافذ التي أقف أنا خلفها متمسكة لا تريد لتلك القطرات أن تنزل من عليها.. تُفتح أبواب المنازل لنرى أمهاتنا على عتباتها، معاتبة أطفالها راجية منهم الدخول تحت سقفها، ولكننا نجدها فَرِحَةً ترفع يديها للسماء داعية رب الأرض والأمطار أن ينعم على من هم فرحين بفرحة أكبر تبقى ببقاء المطر.. يصبح تغريد العصافير أحلى .. تصبح رائحة الهواء كرائحة أشجار الليمون والياسمين التي تجتاح أحياءَنا .. كل شيء بهطول المطر يصبح جميلاً، وكل شيء بهطولك يصبح أجمل .. يا أجمل الأمطار وأحلاها ندرة

أحببنا المطر كثيراً لأننا لا نراه كل يوم .. وأصبحنا كالأطفال المستمتعين بخصوصية فرحة هدية العيد كلما أقَبل، لأنهم لا يرونها إلا مرتين في العام، ونحن لا نرى المطر إلا نادراً. ياهٍ لتشابهكما في الجمال، والصوت، والرائحة .. وكم أود أن تكوني دائماً مثل المطر، إلا في ندرته. يبارك الناس لبعضهم بهطول أمطار الرحمة، وأنا أبارك لنفسي كلما هطلتي على وجهي و كتفي .. راجياً من بعثكِ بأن لا تتوقفي عن المجيء إلي .. إلي فقط .. فليستمتع العالم بأمطار السماء، ولأهنأ أنا بمطري

أنام على سريري و أستمع إلى صوت المطر القادم من خلف ستائري .. لا أتحرّك من مكاني .. أسمعه على طاولة الحديقة يعزف، وأسمعك تطرقين بأناملك على نافذتي تأملين أن أفتح و لكني لا أترك سريري .. تهمس لي صديقتي، وسادتي .. ماذا تفعل؟ لمَ لا تفتح لها؟ .. أبادلها النظر فتبتسم، وكأنها فهمت من عيوني أني أخاف فتح النافذة لأني لا أُريدُ أن ألتقي بمن سيرحل سريعاً .. هكذا تعودنا أمطارنا ، وهكذا تعودت عليك. تهمس لي وسادتي، فرحتُكَ في هذة الثواني القليلة قد تكفيك سنين من عمرك، وكلانا نعلم أنك لا تريد تفويتها .. ومن دون تفكيرٍ هرعتُ من مكاني مسرعاً، لأفتح نافذة مشاعري عليكِ .. مددت يدي للخارج، لأشعر بملمسك يداعب جلدي .. تحتضنين ذراعي .. أُخرِجُ وجهي قليلاً وإذ بك تتركين عليه قُبلاتٍ صغيرةٍ متفرقة .. أُغمض عيناي فلا أُريد أن أراكِ ترحلين .. أسمع الهمسات ولكنها ليست وسادتي .. إنها أنت هذة المرة، إنه المطر .. تهمسان، لا تقلق .. فأنا لا أرحل بعيداً عنك .. أنا لست مطرك فحسب، بل أنا شمسك وقمرك وكل شيء جميل



2nd of April 2011

its saturday 2nd of April 2011 - 9:46 am

كلمة التخرج - الإتحاد الخاصة 2006

____________________________

بسم الله الرحمن الرحيم

سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم

السيدات و السادة أولياء الأمور

السيدات و السادة أعضاء الهيئة الإدارية و التدريسية

الأعزاء الحضور

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بعد مشوارٍ إمتد لأكثر من أربعة عشر عاماً .. و بعد تجربة دراسية أعطتنا من المعرفة و العلم الكثير .. و منحتنا من الثقة بالنفس و الخبرة ، ما يؤهلنا لمواصلة الطريق .. و بعد سنينٍ مليئة بالحب و الأُلفة و التعاون ، مع زملاء الدراسة و أصدقاء الدرب .. بعد كل هذا ، نأتي هذا المساء لنؤكد بأن كلمة شكر لا تعبر عن إمتناننا لكل من سلك بنا درب النجاح

في هذا المساء ، نشعر و لأول مرة بمرارة الفراق .. نتألم لفراق كل جزء من الإتحاد .. فتلك الأربعة عشر عاماً التي قضيناها في أحضانها لم تكن بقليلة .. فمن منا لن تذرف عيناه اليوم دموع الفراق .. فراق الأم التي ربتنا بجانب أمهاتنا .. فراق المكان الذي إحتضننا بجانب بيوتنا .. فراق كل الأصدقاء الذين كانوا لنا أقرب من إخوتنا .. فراق المدرسين الذين تعبوا من أجل تثقيفنا .. و لكنها ستبقى .. و ستبقى في ذاكرة كل واحدٍ منا .. و كما دخلناها بالبكاء ، ها نحن اليوم نتخرج منها و دموع الحزن في عيوننا .. قضينا فيها أجمل لحظات العمر ، و لم يبقى لنا فيها إلا أروع الذكريات

إننا اليوم و قد أنهينا المرحلة الأولى من مشوارنا الدراسي ، نعدكم بأن نواصل الدرب بذات القيم و المبادئ التي تربينا عليها .. نعدكم بأن تبقى كلمات المغفور له ، حكيم العرب ، الوالد و المعلم الأول الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – عن حب الوطن و الإنتماء له، نبعاً لا يجف في دواخلنا ، ننهل منه الحكمة و الموعضة. و نعدكم بأن نبذل أقصى ما في وسعنا من أجل مستقبل هذة الأرض الطيبة ، و أن نكون عند حسن ظن قيادتنا الرشيدة ، و على رأسها الوالد القائد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدوله – حفظه الله - .. و أخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي – حفظه الله –

ولا يسعني الآن إلا أن أقف بكل إحترامٍ و إجلالٍ و إكبار ، أمام الذين مهدوا لنا الطريق، و قدموا لنا كل الحب و الحنان و العطف، و غرسوا فينا القيم و الأخلاق و الإرادة القوية.. إلى الذين كانت حياتهم مشعلاً أنار لنا درب الحياه.. نعدكم بأن نكون عند حدود حلمكم بنا ، و أن نحقق لكم ما تتمونه منا ، و أن نكون أبنائاً مخلصين دائماً. و أخيراً و ليس آخراً .. التقدير و الإحترام و المحبة ، لكل من علمنا حرفاً ، و لكل من ساهم في صقل شخصيتنا و توجيهنا إلى الأمام .. كل التقدير لأساتذتنا و معلمينا الأفاضل ، الأجلاء .. الذين سيظلون دائماً كباراً في عيوننا و في قلوبنا

و نعدكم في الختام بأن نكون دائماً محبين لوطننا الغالي .. داعين له المولى العلي القدير ، أن ينعم عليه بالأمن و الأمان

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

همسه: شكراً إلى عمتي الدكتورة عائشة عبدالله و إلى أُستاذي يوسف زنداقي على المساعدة