أكتب لأن في هاتفي أحرف عربية

كانت هناك


كانت هناك امرأةٌ يوماً..
وكانت هناك حياة..
وكان الليلُ مضيءٌ 
وكان العمر مليءٌ بالضحك، والعطر، وأحن الذكريات..

كانت الأزهارُ تفرح، والعصافير في وسط الأزهار تسبح..
والعناقيدُ تتدلّى، والمصابيح تترنح..

تلك اللوحةُ رُسِمَت، بِيَد السماء مرة.. تلو مرة.. تلو مرة..
تلك اللحظة كررت نفسها ألف مرة..
حين جلسنا معاً، أنا وصديقي الشعر.. وتلك المرأة..

وبعد المرة الألف، انسحب الشعر منّا..
وصّب علينا القدر همّاً لا يودّعنا..
وارتمت في احضانها ترانيمُ تشييعنا..
وحضرت الملائكة، وحضر الموتُ ليأخذني..
حتى لا أراها ترحل، فأبقى على قيد الحياة دون حياةٍ تجمعنا..

رحلت.. في غمضةِ عينٍ رحلت..
فلا حبُ تذكرت، ولا حبُ عليه حنّت..
ولا تذكارُ أبقت لي، ولا قصيدةٍ تركت..
وأنا الآن هنا، بعيداً عن الأزهار..
قريباً من الأرض التي، يُدفَن فيها الأحرار..
فلا عمرُ تبقّى لي، إن لم نكن معاً..

ولكن سأنسى قليلاً..
بل سأنسى كل شيء، كل الحزن والألم..
وسوف أحبها دوماً..
ولن أذكر إلا الشعر، إلا سعادتي حينما
كانت هناك امرأةٌ يوماً.. 

بالعربي





في نهاية العام الماضي شهد العالم رحيل أحد أشهر القادة الذين مروا على الكرة الأرضية عبر التاريخ. كان نيلسون مانديلا قائداً للثورة الأفريقية ضد العنصرية، وسعى من خلال مبادراته وتحركاته وأفكاره بأن يغيّر نظرة العالم تجاه أصحاب البشرة السوداء. أمضى مانديلا ما يقارب الثلاثون عاماً في سجون أفريقيا الجنوبية، لكنه حرر بعد ذلك الملايين من البشر، هو ومن كانوا معه، بإصراره وإيمانه بأنها القضية الأهم في ذلك الوقت، وإيمانه بأن الحل قد يكون بيديه. وفعلاً حدث ذلك بعد سنواتٍ عديدة من الصراعات التي انتهت بالإفراج عن مانديلا وأصدقائه، وبعد ذلك اختياره رئيساً لجنوب أفريقيا كأول رئيس أسود لها. تلبّس مانديلا خلال سنوات المقاومة برداء الصبر، والإصرار والعزيمة، كسب ثقة من حوله والعالم أجمع، من خلال أسلوبه في الحديث، ومن خلال أفعاله التي غيّرت نظرة العالم بأسره.
أما غاندي، أبو الأمة كما يلقّب في الهند، فقد كان قائداً مختلفاً في منتصف القرن الماضي. قاد غاندي الثورة الهندية ضد الاستعمار البريطاني بطريقة سلمية وفريدة من نوعها، وكان يحض دائماً  على الابتعاد عن العنف. لم يقُد بالسلاح، بل قاد بالإنسانية المتدفقة فيه، وكان ولا زال رمزاً للحكمة والصدق والسلام. وكلنا قرأنا عن قصة حذاء غاندي الذي رماه خلف حذائه الأول الذي سقط منه وهو يركب القطار حيث قال: "أحببتُ للذي يجد الحذاء أن يجد فردتين فيستطيع ال
انتفاع بهما، فلو وجد فردة واحدة فلن تفيده." طبّق غاندي في هذا الموقف أحد أشهر مقولاته عبر التاريخ: "كن أنت الاختلاف الذي تريد أن تراه في العالم".
وإذا ما أردنا للقيادة مثالاً أقرب لنا ولمجتمعنا، فلن نجد مثالاً أعظم من زايد بن سلطان. ذلك الزعيم الذي وبرغم بداوته وعدم تلقّيه للتدريس والعلم كغاندي ومانديلا، إلا أنه دون أدنى شك كان يحمل في ذهنه الكثير من الحكمة، والرغبة في إحداث التغيير في المنطقة، وقد نجح في ذلك بشكلٍ كبير. زايد تحدّى الإنسان، وتحدى الزمان والأرض، وهزمها جميعها. وحّد المتفرقون، وكوّن دولة، وزرع ثم حصد، وطناً أصبح اليوم نقطةً مضيئة تنير العالم أجمع. أحببنا زايد لأنه قادنا بحب، وأشعرنا بالأمان، وآمن بالإنسان. أحببنا زايد، لأنه وعد وأوفى، وفعل قبل أن يقول.
 وقائمة القادة المختلفون عبر التاريخ تطول، وهم أفراد سيظلون هنا معنا مهما طال رحيلهم، لأن ما تركوه بيننا أعظم من أن يرحل. يقال: على كل مدير أن يكون قائد، ولكن ليس بالضرورة أن يكون كل قائد مدير. أنا أؤمن أن الإنسان لا يدرس القيادة، بل تولد معه. ولكن هذا ليس عذراً لنا بأن نتوقف عن المحاولة. الحياة ليست نجاح وفشل فقط. أن تعيش هو أن لا تتوقف عن المحاولة، وهذه من خصائص القائد الناجح كذلك. القائد هو من يشعر بمن حوله قبل نفسه، ومن يعمل للمجموعة قبل الفرد، ومن ينظر للغد واليوم معاً. على القائد أن يكون قدوة، وأن يعمل أكثر مما يتحدث. القائد الحقيقي هو من يؤمن بقدراته وإمكانياته، ويلاحظ أخطائه قبل الآخرين. القائد الحقيقي  هو أنت إن أردتَ أن تكون. كلنا بحاجة لقائد، وكلنا بحاجة لقدوة. كن أنتَ القائد الذي تريد أن تتبع، وكن القدوة التي تريد أن تقدّس. نحن في الإمارات حظينا عبر السنين بقيادة فذة وفي جميع المجالات، وبسببهم وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. حان الوقت أيها القارئ الكريم، بأن تنضم إليهم. كل ما عليك أن تفعله في البداية، هو أن تكون مختلفاً.
 يقول بيرناردو باروش: "ملايين شاهدوا تفاحة تسقط، لكن نيوتن وحده سأل لماذا".