أكتب لأن في هاتفي أحرف عربية

احتجت أن أرحل

 

احتجتُ أن أرحل! أن أعودَ إلى المنزل، وأقفل الباب على نفسي، وأنزوي للحظاتٍ، أو لساعات. قد تبدو الأجواء حزينة، والكلماتُ متعبة .. لكنها ليست كذلك على الإطلاق. أعودُ الآن ولو لفترةٍ قصيرة، إلى حيث كنتُ أجدُ نفسي ملكاً ، مالكاً للكون الذي أتلاعبُ به بين أصابعي، قبل أن يجدني صيداً سهلاً يتلاعب بي كيفما يحلو له!
 أعودُ في مخيلتي إلى من كنتُ بجانبها أشعر بأن ليست لأنوار المدينة داعي، فطريقي به نورٌ منها.. أعودُ في مخيلتي إلى من كنتُ أمامها كقطعةَ ثلجٍ تذوب عند حضرتها، لأصبح نهراً تلعب أصابعها فيه، فأزدادُ ذوباناً وفرحاً.. أعودُ لتلك الأيام التي لم تخلو من الألحان والأشعار والأصوات المفعمة بالجمال والهدوء والرقي والحلي.. إحتجت أن أرحل لمن كنتُ بين يديها أُحبُ نفسي كثيراً، وأُقّدر نعم الله أكثر.. أرحل لمن كنتُ أمامها أشعرُ بأني أنا مثلي الأعلى، فلا أحتاجُ لأحد!

جميلٌ أن نحب بشغف، والأجمل أن لا يختفي الشعور عند إختفاء من شعرنا يوماً بإتجاهه.. من أحب، من المستحيل أن يكره! قد لا نكونُ سوية، ولكن ما بيننا محال أن يحلق في مهب الريح.. قد نرحل، ولكن الأماكن باقية، والأغاني والقصائد والقصص، والمسارح والملابس، والدخون والعطور، كلها باقية.. وكلها تذكرنا بمن تعلقت كل تلك بهم.. والمهم أن لا نتذكرهم بحزن، المهم أن تزرع في وجوهنا ابتسامة، والأهم أن ينبت في قلوبنا السلام.

حبيبتي ... أسئلةٌ عديدة داهمتني إجاباتها يوم أن غبتِ .. تذكرين؟ أتذكرين سؤالك عن أغنيتي المفضلة؟ كانت ضحكتُكِ .. وعن قصيدتي المفضلة؟ كانت إسمُكِ .. وشاعري المفضل؟ هو أنا في تحدثي معكِ .. وشارعي المفضل؟ هو كلُ طريقٍ يؤدي إليكِ .. ووقتي المفضل؟ أجزم أنكِ تعلمين الجواب.. نعم، إنهُ كلُ وقتٍ متعلقٍ بكِ ... كيف لا، وأنتِ التي كنتِ، وستكونين، رغم السنين العديدة، دائماً أفضلهن.. يا حبيبتي