أكتب لأن في هاتفي أحرف عربية

أدمنت الغزل


 
 
في الوقت الذي توقفت فيه أحلامي عن زيارتنا أنا ومحبوبتي الغائبة، توقفت معها كل زيارات الأحبة. حسبتُ جمال الحياة يكمن في ثلاث، في الحب والموسيقى وفي القهوة المرّة. حسبتُ أن الحياة تعني شيئان، تعني فرصةً ولحظة. حسبتُ الكثير ولا أزل، آمنت بالحب حتى أرهقني فرحل. منذ أن قررت على توطيد علاقتي بالكلمات، قررت كذلك أن لا أدنو لرسمها على ورقاتٍ من القسوة، أو الحزن، أو الشؤم. آمنت أن البشرية لا تحتاج إلى المزيد من الألم، بل لا تحتاج إلا الأمل. ثم زارتني تلك الفراشة في نهار زائف، لتخبرني أن الحزن في بعض الأحيان أجمل. ومنذ تلك اللحظة البائسة، ظللت طريق السعادة، حتى كرهت الفراشة.
غدوت كالنحل الذي يموت في كل مرة يقترب فيها من الأمل. حتى العسل الذي كنت أصنعه، ما عاد اليوم كالعسل. وفي كل زهرة أحّل عليها أملاً في أن أرتشف ذاك الرحيق، ذاك الحب الذي يتعانق في أول شهوره مع الخجل، ثم يسقينا إيماناً يبقى يردد داخل صدورنا أغنيات تصف جمال الحياة وما أرقى فيها العدل. حتى تمضي الشهور، ويمرض الرحيق، وتموت رائحته ولذته. ثم أبدأ بالترحال من جديد، فالزهر كان قد ذبل.
لكني سأبقى السعيد ما دمتُ أشتاق الغزل. أنا على قيد الحياة لأن روحي لا ترى إلا الجمال وتعشقه حد الثمل. أنا الوحيد في الأرض ممن يستيقظون كل صباح لشم رائحة النور لا للعمل، ثم ينامون في المساء ليدخلوا عالمهم الحقيقي، عالم الحلم، لا للتعب أو للكسل.   
أنا غداً سأكون أنا، وأنا اليوم أشتاق غداً.
أدمنتُ الغزل لا لأني وقعتُ في الحب كثيراً، بل لأني أحب الحياة والحياة تحيا بالغزل. ولأنها تلك الفتاة في تلك اللحظة بالتحديد، علمتني دون أن تدري معنى جديد للحياة، لجمال وصدق الحياة. وربما أكون قد وجدتُ على أطراف عينيها، دمعةٌ تعني أمل.