أكتب لأن في هاتفي أحرف عربية

بالعربي

 
جلست اليوم مع مجموعة من الأصدقاء الذين تحدث بعضهم عن العديد من الأفكار التي يودون لو يحولوها إلى واقع. وتحدثوا أيضاً عن مستقبل مليء بالمصاعب ولكنها مصاعب جميلة لأنهم هم من اختاروها لأنفسهم. وجدتُ على الطاولة مساحة ضخمة من الأمل الذي أحاول جاهداً العثور عليه والتمسك به.
 يحزنني جداً أن أكون ذلك الفتى الذي لا يعرف ماذا يريد. يحزنني أن أجلس مع أصدقائي الذين في عيونهم أرى الطموح العميق، ومن أيديهم يخرج العمل الكثير. ليس غيرة منهم، ولكني أحلم كثيراً بأن أكون في صفهم. كم أتمنى أن أجد ما أريد، وكم أتمنى أن أتخلى عن الجبن الذي يسكنني في مواجهة الحياة، وفي مواجة البشر. أحب الكتابة، ولا أعلم عنها شيئاً. أحب الإعلام، ولا أقترب منه أبداً. أحب تنظيم الفعاليات، وابتعدت عنها جداً.
أنا أحلم كثيراً، وأتخيل كثيراً، وفي أغلب الأحيان أصاب بالإحباط بعد فشل ذلك الحلم. لكني مؤمن تماماً أنه لابد لأحلامي أن تتحقق يوماً ما. أنا أكتب اليوم لا لأشارككم همّي، بل أكتب لكي أحث نفسي وأمام الجميع، على العمل أكثر، وعلى البحث أكثر، وعلى القراءة أكثر فأكثر. أكتب، لكي أتحدى نفسي قبل الجميع، بأني قادر على الرجوع يوماً ما لأمزق هذة الصفحة بابتسامة، بعد أن أجد نفسي.
يقول صديق لي أن كل العظماء الذين سمعنا أو قرأنا عنهم، لم يصبحوا كذلك فقط لأنهم كانوا فقراء أو عانوا في طفولتهم، بل لأنهم وضعوا أمامهم التحديات الكثيرة، ثم تغلبوا عليها. كلنا فقراء ولكن بطرق مختلفة. كلنا محتاجين ولكن لأشياء مختلفة. لابد أن تمر على حياتنا لحظة توهان، لا نعلم فيها من نكون أو ماذا نريد، وعندما نضع أمامنا التحديات التي نثابر للتغلب عليها، سنجد في منتصف الطريق ذلك الضوء الذي لطالما انتظرناه، أو ربما كان ينتظرنا. سنجد نفسنا التي نحب، والتي نشتاق، والتي سنعيشها حتى آخر العمر.
في حياتنا أمثلة كثيرة لأشخاص أو ربما عظماء، فشلوا في أمور عديدة قبل أن ينجحوا في الشيء الذي وضع أسمائهم داخل كتب التاريخ. من الجهل أن يقف الإنسان عند أي حدٍ كان. من يملك القدرة على الحلم، فهو يملك المستقبل بأكمله.
والمستقبل أيضاً ملك أولئك الذين يظنون أن كل نهاية، ليس سوى بداية أفضل. في الحياة نواجه العديد من المطبات التي قد تعرقل خططنا وأهدافنا، أما أنا فأرى أن في كل مطبة نواجهها، تكمن البدايات الجديدة. هناك صنفان من البشر، الأول يظن أن مواجهة المطبة تلو الآخرى تضعفه وتوحي بقرب النهاية، والثاني يظن أن مع كل مطبة، تُخلق مئات الفرص الجديدة للبحث عن أهداف أكثر وطموحات أكبر. فأيهما أنت، وأيهما تريد أن تكون؟
أكره المثالية وأحاول الابتعاد عنها قدر المستطاع، لكني مؤمن تماماً أن التمسك بالأمل هو سر التفوق في كل شيء. ومؤمن أيضاً أن البحث الدائم عن البدايات الجديدة يبعدنا كثيراً عن النهايات المؤلمة. ومؤمن أخيراً أن الغد دائماً أجمل، بإذن الله.
 
يقول محمود درويش "على قدر أحلامك تتسع الأرض". احلموا يا أصدقائي، وأنا سأحلم معكم. ثابروا، وسأثابر معكم. آمنوا بأنفسكم، لأني مؤمن أننا جميعاً مختلفون، خاصة أنتم يا من تقرأون حروفي هذه الآن.
الحياة في نظري شيئان، فرصة ولحظة. فلنتمسك بالأولى، ولنحلم بالثانية حتى نعيشها.

No comments:

Post a Comment