أكتب لأن في هاتفي أحرف عربية

فكرة


حفر الإنسان البئر كي يخرج منه الماء، وصنع الطائر العش كي يحمي فراخه، وخلق الله عقل الإنسان حتى يفكر به. فإن فرغ ما ذكرنا مما يحتويه، لم يعد له فائدة، أو على الأقل يكون قد تخلص من قيمته الحقيقية.

عقلٌ تملؤه الأفكار الجديدة هو عقلٌ مليءٌ بالحياة، وعقلٌ جديرٌ بها. السعادة بالنسبة لي ليست في الحصول على ما أريد، فقد أحصل على كل شيء دون أن أفعل أي شيء. السعادة غير مرتبطة أبداً بالنجاح أو الفشل، بل بالاستمرار الدائم في العمل. مسكن الإيمان والشغف في نظري  هو في العقل والقلب معاً. في لحظات قد تهزم، وتسقط، وتتألم، ولكن أن تملك الإيمان بنفسك وقوتك، بأنك قادرٌ على العيش مع كل هذه الظروف، وتخطيها، والمضي بعيداً عنها إلى مكانٍ آخر وتجربة أخرى، هنا تكمن كل السعادة. مع كل فكرة جديدة تخطر في بالي وأجدني مشغولٌ بها، أكون قد وجدتُ نفسي أكثر، وأحببتُ نفسي أكثر، وآمنتُ أني على قيد الحياة فعلاً، وكل ذلك يضيف المعنى والقيمة لحياتي ووجودي. نحنُ بشر، وإن كنا لا نحمل هم الأفكار 
التي تدور في أذهاننا، وهم أن لا تكون في أذهاننا فكرة نؤمن بها، تتعبنا ونتعبها، فأين الفرق بيننا وبين الحجر من حولنا!

أنا سعيد، لا لأنني أحب عملي، أو أنني قادرٌ على المشي، أو أنني أملك الكثير مما أريد، أو أن لدي أفضل الأصدقاء. أنا سعيد، لأنني في كل ليلة، أحارب النوم بسبب الأفكار التي أريد أن أحولها إلى واقع، والأماني التي أريد تحقيقها، والعمل الكثير الذي على القيام به في اليوم التالي. أنا سعيد، لأني أشعر بقيمة الحياة الحقيقية، وأرحب دائماً بكل فكرة جديدة، وأقبل التحدي في أغلب الأحيان.

نكبر كل يوم، لنجد أفكارنا التي كنا نؤمن بها قد تغيرت، وأن الحال قد اختلف. وأن وجهة نظرٍ لطالما تمسكنا بها، لم تعد اليوم مهمة. وهنا تكمن في اعتقادي متعة الحياة. أن نتقبل أنفسنا في كل وقت، وأن نمضي بمرونة بين الأفكار المختلفة والتي قد تعارض معتقداتنا. أن تفتح أذرع عقولنا على كل ما هو جديد، وكل ما هو غريب. أن نؤمن بوجود الاختلاف، وأن الآخرون ليسوا نحن، هم فقط مختلفون. التنوع رائع، فقد لا أتفق أو حتى أتقبل كل ما أسمع، وكل ما أقرأ، وكل ما أرى، ولكنه حتماً سيغذي معرفتي، وعليه سأبني أفكاري، وسأملأ به جرأتي.

من عاش من دون أن يؤمن بفكرة، ولو واحدة، يكون قد حرم مخلوقاً آخر من أحقية العيش كإنسان. 

ليس أسوأ من الموت سوى أن تموت وأنت ما زلت على قيد الحياة. 

No comments:

Post a Comment